«بناء شراكات استراتيجية في مختلف القطاعات»

السعودية وقطر لتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي
أكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، يوم الاثنين، أهمية استمرار التعاون وتطوير التنسيق في المجالات ذات الأولوية، بما في ذلك السياسة والأمن والعسكرية والطاقة والصناعة والاقتصاد والاستثمار والتجارة والتقنية والبنية التحتية والثقافة والسياحة والتعليم.
جاءت هذه التأكيدات في بيان مشترك صدر بعد ترؤسهما للاجتماع الثامن لمجلس التنسيق السعودي – القطري في الرياض، حيث استعرضا العلاقات الثنائية القوية وأشادوا بالإنجازات المحققة عبر المجلس.
استقبل ولي العهد السعودي، أمير قطر، في قصر اليمامة بالرياض، وعقدا جلسة مباحثات رسمية تم خلالها استعراض العلاقات الوثيقة بين البلدين، وبحث آفاق التعاون والسبل المتاحة لتطوير العلاقات في مختلف المجالات، والإشادة بالنتائج الإيجابية التي أسفرت عنها الزيارات المتبادلة.
وأشار البيان المشترك إلى أن زيارة الشيخ تميم بن حمد للرياض جاءت انطلاقًا من الروابط التاريخية القوية والعلاقات الأخوية بين قيادتي البلدين وشعبيهما، بناءً على دعوة من ولي العهد السعودي.
شهد الأمير محمد بن سلمان والشيخ تميم بن حمد توقيع اتفاقية لتنفيذ مشروع قطار كهربائي سريع لنقل الركاب بين الرياض والدوحة، في خطوة تعكس عمق العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين.
وقع الاتفاقية المهندس صالح الجاسر، وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الله آل ثاني، وزير المواصلات بقطر، وذلك ضمن أعمال المجلس التنسيقي السعودي القطري.
يعتبر مشروع القطار السريع بين البلدين خطوة استراتيجية تعزز التعاون والتكامل التنموي، وترسخ التنمية المستدامة، والالتزام المشترك نحو مستقبل أوسع من التنمية والازدهار في المنطقة.
يمتد القطار السريع لمسافة 785 كيلومترًا، حيث يربط بين الرياض والدوحة، مرورًا بمحطات رئيسية تشمل الهفوف والدمام، ويربط مطارَي “الملك سلمان” و”حمد” الدوليين، ليشكل شريانًا جديدًا للتنقل السريع والمستدام، مما يحسن تجربة السفر الإقليمي، بسرعة تفوق 300 كيلومتر في الساعة، ويساهم في تقليص زمن الرحلات إلى ساعتين تقريبًا بين العاصمتين، مما يدعم حركة التنقل، ويعزز التبادل التجاري والسياحي، ويعزز النمو الاقتصادي وجودة الحياة.
سيخدم القطار السريع أكثر من 10 ملايين راكب سنويًا، مما يمكن المسافرين من اكتشاف معالم السعودية وقطر بسهولة، كما سيوفر project أكثر من 30 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.
من المتوقع أن يحقق المشروع بعد اكتماله تأثيرًا اقتصاديًا يقدر بنحو 115 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي للبلدين، مما يجعله من أهم المشاريع الاستراتيجية لدعم التنمية الإقليمية، وتعزيز الترابط والتكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي عبر شبكة سكك حديد متطورة.
سيتم الانتهاء من المشروع بعد ست سنوات، وفق أعلى المعايير العالمية للجودة والسلامة، باستخدام أحدث تقنيات السكك الحديدية والهندسة الذكية لضمان تشغيل آمن وسلس، بما يحقق الاستدامة البيئية، ويقلل من انبعاثات الكربون، ويدعم جهود التحول نحو أنماط نقل أكثر كفاءة وابتكارًا في المنطقة.
رحب الجانبان بتوقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم خلال الزيارة في مجالات النقل السككي، وتشجيع الاستثمار، والإعلام، والتعاون في القطاع غير الربحي.
على المستوى الدولي، جدد الجانبان التزامهما بمواصلة التنسيق بينهما، وزيادة الجهود لحماية السلم والأمن الدوليين، كما تبادلا وجهات النظر حول القضايا المهمة في الساحتين الإقليمية والدولية.
ثمّن الجانب السعودي مصادقة قطر على ميثاق المنظمة العالمية للمياه، الذي يهدف إلى توحيد وتعزيز جهود التعامل مع تحديات المياه وإيجاد الحلول الشاملة.
في الشأن الدفاعي والأمني، أكد الجانبان عزمهما على تعزيز الشراكة الدفاعية بينهما بما يخدم المصالح المشتركة، ويدعم جهود الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
أشادا بمستوى التعاون والتنسيق الأمني بينهما في جميع المجالات، بما في ذلك تبادل الخبرات، والزيارات الأمنية، وتبادل المعلومات في مجال أمن المسافرين، وعقد دورات تدريبية، والمشاركة في مؤتمرات الأمن السيبراني، وكذلك التعاون في مجالات أمن الحدود ومكافحة المخدرات، والتطرف والإرهاب.
أشاد ولي العهد السعودي وأمير قطر بمتانة الروابط الاقتصادية بين البلدين، حيث شهد التبادل التجاري بينهما نموًا ملحوظًا ليصل إلى 930.3 مليون دولار في عام 2024، محققًا زيادة بلغت 634 في المائة مقارنةً بعام 2021.
شدد الجانبان على أهمية تعزيز العمل المشترك لتنويع وزيادة التبادل التجاري، وتسهيل الحركة التجارية، وتذليل التحديات المحتملة، واستثمار الفرص المتاحة في المجالات ذات الأولوية وفق “رؤية المملكة 2030″ و”رؤية قطر الوطنية 2030”.
رحب الجانبان بالتعاون الاستثماري الثنائي المستدام من خلال الشراكة بين صناديق الاستثمار والشركات، وأكدا أهمية تكثيف الزيارات المتبادلة بين المسؤولين من القطاعين الحكومي والخاص، وعقد اللقاءات الاستثمارية وملتقيات الأعمال.
أشار الجانبان إلى الحاجة لتعزيز موثوقية واستقرار أسواق الطاقة العالمية، وضمان أمن إمدادات جميع مصادر الطاقة، بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين.
عبر الجانبان عن رغبتهما في تعزيز التعاون في مجالات الطاقة المختلفة، بما في ذلك الكهرباء والطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، وتطوير المشاريع بما يعود بالنفع المشترك على اقتصادات البلدين.
كما أكدا أهمية تعزيز التعاون في تطوير سلاسل الإمداد واستدامتها، وتمكين التعاون بين الشركات لتعظيم الاستفادة من الموارد المحلية في البلدين، مما يسهم في تحسين مرونة إمدادات الطاقة.
اتفقت الدولتان على أهمية تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي، والابتكار، والصناعة والتعدين، والنشاطات الثقافية والتعليمية، وإيجاد برامج أكاديمية مشتركة تتعلق بالإعلام، وتعزيز موثوقية المحتوى الإعلامي.
شهدت الاتفاقات جوانب عديدة أخرى تتعلق بالاستثمار، الأمن السيبراني، والصحة، مما يعكس التزام الجانبين بالعمل معًا لتحقيق الأهداف المشتركة وتعزيز التنمية المستدامة.




