الاقتصاد

«ماذا بعد توسع البنوك المركزية في شراء الذهب؟ خبراء يكشفون عن مصير الدولار»

كتب : أحمد الخطيب

06:58 م
07/12/2025

أكد خبراء اقتصاديون، في حديثهم إلى مصراوي، أن تراجع الدولار سيظل ضمن الحدود التصحيحية، ولن يكون له ارتباط مباشر بمشتريات الذهب، مشيرين إلى أن الارتفاعات الحادة في أسعار المعدن الأصفر تعود لدوافع جيوسياسية ولتشكيل سوق عالمي جديدة، وليس نتيجة لاستبدال الذهب بالدولار كما يدعي البعض.

خلال الأسابيع الأخيرة، شهدت أسواق الذهب العالمية تحركات ملحوظة، حيث أعلن مجلس الذهب العالمي عن قفزة كبيرة في مشتريات البنوك المركزية خلال شهر أكتوبر، رغم وصول الأسعار لمستويات تاريخية.

مشتريات الذهب تسجل أكبر قفزة

مع تزايد الحديث حول دور الذهب كبديل للاحتياطي، كشف تقرير مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية على مستوى العالم رفعت مشترياتها من الذهب في أكتوبر إلى نحو 53 طناً، بزيادة 36% مقارنة بشهر سبتمبر، وهي الأكبر منذ بداية 2024.

وبذلك، ارتفع إجمالي صافي المشتريات المعلنة حتى نهاية أكتوبر إلى 254 طناً، وهو مستوى أقل من متوسط السنوات الثلاث الماضية، مما يعكس تأثير الأسعار المرتفعة على وتيرة الشراء.

تصدر البنك المركزي البولندي قائمة المشترين، حيث استأنف عمليات شراء الذهب بإضافة 16 طناً في أكتوبر، ليرتفع احتياطيه إلى 531 طناً، مما يعادل 26% من إجمالي احتياطاته، بعد زيادة نسبة تخصيص الذهب إلى 30%.

أيضًا، واصل البنك المركزي البرازيلي شراء الذهب للعام الثاني، حيث أضاف 16 طناً في أكتوبر بعد شراء 15 طناً في سبتمبر، ليصل إجمالي احتياطيه إلى 161 طناً، مما يمثل 6% من إجمالي الاحتياطيات.

شملت المشتريات البنوك المركزية الأخرى مثل البنك المركزي الأوزبكي (9 أطنان)، بنك إندونيسيا (4 أطنان)، والبنك المركزي التركي (3 أطنان)، في حين كان البنك المركزي الروسي هو الوحيد الذي خفض حيازته بمقدار 3 أطنان لتستقر عند 2327 طناً.

ويأتي ذلك في ظل تراجع الدولار أمام العملات الرئيسية خلال الأسابيع الماضية، مع توقعات عالمية بتخفيف وتيرة الفائدة الأمريكية خلال 2025، مما يطرح تساؤلاً حول العلاقة بين تراجع الدولار وسوق الذهب العالمية.

استبدال الدولار بالذهب غير منطقي

أشار الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إلى أن الربط بين تراجع الدولار وزيادة احتياطيات الذهب من قبل البنوك المركزية غير منطقي، مؤكدًا أن هذا الحديث موجه للاستهلاك المحلي ولا يعكس الحقائق الاقتصادية العالمية.

وأوضح أن دولاً كبرى مثل الصين تظل حيازتها من الذهب أقل من 10% من إجمالي احتياطياتها البالغة 3.2 تريليون دولار، أي ما بين 300 و350 مليار دولار، متسائلاً عن مصدر الـ90% المتبقية إذا كان الذهب بديلاً للاحتياطي.

وأضاف أن حجم الذهب الموجود عالمياً منذ بداية التاريخ لا يمكن أن يحل محل الأصول الاحتياطية للدول، مشيرًا إلى أن أكبر احتياطي ذهب في العالم لدى الولايات المتحدة بنحو 8300 طن لا تتجاوز قيمته تريليون وربع دولار، بينما ديونها تصل إلى 38 تريليون دولار، ما يعني استحالة الاعتماد على الذهب كبديل للدولار.

ورأى النحاس أن ما يحدث حاليًا هو صناعة سوق ذهب جديدة، يتم خلالها تحويل الذهب من ملاذ آمن إلى سلعة استثمارية ضخمة لزيادة حجم التداول من حدود مليار دولار إلى عشرات المليارات.

الصين تقود صناعة سوق عالمية جديدة

أوضح النحاس أن الصين هي المحرك الرئيسي لهذه الصناعة، حيث طورت مشغولات الذهب عيار 24 ودخلت مجالات جديدة، مما يسمح بتوسيع سوق الذهب ليصل إلى 50 أو 100 مليار دولار في المستقبل، لافتًا إلى أن الصين تمتلك أكثر من 2300 طن من الذهب وتسعى لتفعيله كأصل صناعي، بالإضافة إلى رغبتها في أن تصبح منصة رئيسية لتخزين ذهب البنوك المركزية الأخرى، تمهيدًا لإنشاء البورصة الرابعة عالميًا للذهب.

وحذر من أن الأسواق تعاني من تغذية إعلامية ترفع الأسعار عبر شائعات متكررة عن مشتريات ضخمة من صناديق، شركات، أو دول، مما يخلق حالة من الهلع الشرائي.

ورأى أن هذه الاستراتيجية تتجاهل مؤشرات اقتصادية واقعية مثل ارتفاع إنفاق المستهلكين الأمريكيين بنسبة 9.1% في البلاك فرايدي، مما يعكس قوة الاقتصاد.

وأكد أن التحدي الأكبر عالميًا هو الحجم الهائل للديون، وأن التلاعب الإعلامي والاقتصادي أصبح الأكثر انتشارًا في تاريخ الأسواق الحديثة.

تراجع الدولار سيستمر

من جهته، قال الدكتور أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، إن تراجع الدولار عالميًا مرشح للاستمرار، لكنه سيبقى ضمن حدود التراجعات الطفيفة أو التصحيحات، وليس انهيارات، موضحًا أن أي انخفاض يقل عن 20% يعد تصحيحًا طبيعيًا، بينما يُستخدم مصطلح الانهيار فقط في حال تجاوزه هذا الحد.

وأشار إلى احتمال حدوث انخفاض إضافي لا يتجاوز 10%، موضحًا أن مؤشر الدولار يقف حاليًا عند 98 نقطة وقد ينخفض في أسوأ حالاته إلى 90 نقطة فقط.

وأكد معطي أن توجه الدول نحو شراء الذهب يرجع للتوترات الجيوسياسية والعقوبات والضغوط الأمريكية، وليس سببًا مباشرًا في تراجع الدولار.

وأضاف أن وثيقة الأمن القومي الأمريكية الأخيرة ألمحت إلى وجود احتمال لتهدئة العلاقات مع الصين، مما قد يقلل من وتيرة شراء الذهب، رغم استمرار الاتجاه على المدى الطويل دون الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها الأسواق في الأعوام السابقة، ومنها 40% خلال العام الماضي و2025.

اقرأ أيضا:

لماذا قفزت الفضة إلى أعلى مستوياتها؟ خبراء يوضحون.

الغلاء يضرب موسم التخفيضات.. البلاك فرايدي “فرجة فقط”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى