كتب: محمد مرزوق

وافق مجلس النواب المصري، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على سلسلة من المواد المفصلية ضمن مشروع قانون الإجراءات الجنائية، حيث أقرّ مواد تعيد تشكيل آليات الحضور والقبض والإحضار للمتهمين، واضعًا أُسسًا قانونية دقيقة لضمان تحقيق العدالة ومكافحة الجريمة بكافة أشكالها.

يأتي ذلك في خطوة تاريخية تحمل أبعادًا سياسية وقانونية عميقة وحاسمة، تجعل القانون درعًا يحمي الحقوق وسيفًا يواجه الباطل.

إقرار المادة 106: صلاحيات النيابة العامة في إصدار الأوامر

بدأ المجلس أولى خطواته بالموافقة على المادة 106 من مشروع القانون، والتي تنص بوضوح على صلاحية عضو النيابة العامة في إصدار أوامر الحضور، أو أوامر مسببة بالقبض على المتهم أو ضبطه وإحضاره، وفقًا لما تقتضيه الحالة. هذه المادة تعزز من قدرة النيابة العامة على التدخل السريع لضمان عدم إفلات المتهمين من العدالة، خاصة في القضايا التي تتطلب استجابة فورية.

تفاصيل دقيقة تحت مجهر القانون: المادة 107

ومن بين أبرز المواد التي نالت الموافقة بالإجماع جاءت المادة 107 لتضع معايير دقيقة وشاملة لإصدار أوامر الحضور والضبط والإحضار. نصت المادة على ضرورة تضمين الأوامر اسم المتهم الكامل، لقبه، مهنته، محل إقامته، ورقمه القومي أو رقم وثيقة سفره إذا كان أجنبيًا، مع ذكر التهمة المنسوبة إليه وتاريخ الأمر. كما أكدت على توقيع عضو النيابة العامة وختمه الرسمي لضمان الشفافية والمصداقية.

آليات التنفيذ والإعلان: المادة 108

في خطوة لتعزيز التواصل الرسمي مع المتهمين نصت المادة 108 على أن جميع الأوامر تُعلن بواسطة المحضرين أو رجال السلطة العامة، مع تسليم المتهم نسخة رسمية منها. هذا البند يأتي ليحسم أي جدل حول آليات الإخطار ويضمن إتاحة الفرصة للمتهمين لمعرفة تفاصيل التهم الموجهة إليهم.

الأسباب المشروعة للضبط والإحضار: المادة 109

المادة 109 قدمت بدورها رؤية متوازنة بين حماية الحقوق الفردية وضمان العدالة، حيث منحت النيابة العامة حق إصدار أوامر مسببة بالضبط والإحضار في حالتين محددتين: الأولى إذا امتنع المتهم عن الحضور دون عذر مقبول، والثانية إذا خُشي هروبه أو لم يكن له محل إقامة معروف داخل مصر. وبهذا، تضع المادة حدًا للفوضى المحتملة التي قد تنجم عن تهرب المتهمين من المثول أمام العدالة.

أوامر نافذة على مستوى الجمهورية: المادة 110

اختتم المجلس مداولاته بالموافقة على المادة 110، التي نصت على أن جميع الأوامر الصادرة عن النيابة العامة تُعد نافذة المفعول في كافة أنحاء الجمهورية، مما يضمن توحيد الإجراءات القانونية وتسهيل تطبيقها على أرض الواقع دون أي عوائق إدارية أو قانونية.

أبعاد القرار وتأثيره على المشهد القضائي المصري

يرى مراقبون أن هذه التعديلات تُمثل نقلة نوعية في النظام القضائي المصري، إذ إنها تعزز صلاحيات النيابة العامة، وتضمن التعامل بحسم مع القضايا ذات الطابع الجنائي. كما أشار خبراء قانونيون إلى أن هذه المواد تراعي بدقة حقوق المتهمين، مع الحفاظ على مبدأ سيادة القانون.

وأثارت هذه الخطوة اهتمام وسائل الإعلام المحلية والعالمية، حيث أفردت وكالات أنباء مثل رويترز والشرق الأوسط تقارير خاصة عن أهمية هذه التعديلات في محاربة الجرائم، خاصة في ظل التحديات الأمنية الراهنة.

نهاية تستشرف المستقبل

لا شك أن هذه القرارات التشريعية تضع مصر على مسار أكثر قوة وثباتًا نحو تحقيق العدالة الناجزة. ومع دخول مشروع قانون الإجراءات الجنائية حيز التنفيذ، سيصبح المشهد القضائي المصري أكثر شفافية ودقة، مما يعزز الثقة بين المواطن والدولة، ويعطي النيابة العامة الأدوات اللازمة لمواجهة الجريمة بحزم ومسؤولية.

الرابط المختصر https://alhorianews.com/yrlh