على مدى 455 يومًا، عاش الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحت وطأة معاناة مستمرة، حيث واجه الحصار الخانق، والعدوان العسكري المتكرر، والتشريد الممنهج. ورغم ذلك، جاءت الهدنة التي تحققت بشروط المقاومة الفلسطينية كصفعة جديدة للمحتل وتأكيد على قدرة الشعوب المستضعفة على فرض إرادتها.

مشهد المقاومة: كسر قيود الهيمنة

لقد كان المشهد في غزة ملهمًا رغم الظروف القاسية؛ فالمقاومة الفلسطينية لم تكن مجرد رد فعل بل استراتيجية مدروسة، تعتمد على الإصرار الشعبي والتكتيكات الميدانية. القطاع، الذي يعاني من حصار اقتصادي وعسكري مستمر منذ أكثر من عقد، تحول إلى أيقونة للصمود والتحدي. ومع استمرار العدوان، كانت المقاومة قادرة على إثبات أن الكيان الإسرائيلي، رغم تفوقه العسكري، لا يستطيع فرض إرادته على شعب مصرّ على الحياة بكرامة.

ثمن الصمود: معاناة لا تنتهي

لا يمكن الحديث عن انتصار المقاومة دون الإشارة إلى الثمن الباهظ الذي دفعه الفلسطينيون. تشير الإحصاءات إلى أن العدوان الأخير خلّف آلاف الشهداء والمصابين، ودمر مئات المنازل والبنى التحتية، وأدى إلى تشريد الآلاف. إضافة إلى ذلك، عانى القطاع من أزمات إنسانية متفاقمة تمثلت في نقص الغذاء والدواء والكهرباء، في ظل صمت دولي وتواطؤ بعض القوى الإقليمية.

الهدنة: شروط المقاومة ومكتسباتها

جاءت الهدنة بعد مفاوضات شاقة، لتؤكد أن المقاومة الفلسطينية لم تكن تبحث عن مجرد وقف إطلاق النار، بل عن تحقيق أهداف واضحة تعكس إرادة الشعب الفلسطيني. ومن بين الشروط التي تم تحقيقها:

رفع الحصار عن القطاع تدريجيًا، مما يسمح بمرور المساعدات الإنسانية والبضائع.

إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وقف العمليات العسكرية والالتزام بعدم التصعيد.

هذه المكتسبات تؤكد أن المقاومة استطاعت تحويل معاناة الشعب الفلسطيني إلى رافعة للنصر، وتجبر الاحتلال على تقديم تنازلات لم يكن ليرضى بها في ظروف أخرى.

الدروس المستفادة:المقاومة خيار الشعوب الحرة

يقدم هذا الانتصار دروسًا عميقة لكل الشعوب التي تسعى للتحرر. أولها أن التكاتف الشعبي هو العمود الفقري لأي مقاومة ناجحة. وثانيها أن الحقوق لا تُستجدى، بل تُنتزع بالنضال والتضحيات. كما أن هذا الانتصار يعيد تأكيد أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية سياسية، بل هي قضية إنسانية وأخلاقية تتطلب وقوف الجميع إلى جانب الحق.

النصر إرادة وصمود

إن الهدنة التي تحققت ليست نهاية المعركة، بل خطوة على طريق التحرير الشامل. ومع استمرار الحصار والتهديدات، تبقى غزة عنوانًا للصمود والإصرار على الحياة. إن هذا الانتصار يشكل دليلًا على أن الحقوق المشروعة لا يمكن إخمادها بالقوة، وأن الشعوب المستضعفة، مهما بلغت معاناتها، قادرة على النهوض وتحقيق الانتصار بشروطها.

غزة لا تُقهر، والمقاومة لا تُهزم.

الرابط المختصر https://alhorianews.com/5zrz