يحيي صقر يكتب: إدراك اللحظة.. هل تحتاج الحركات الفلسطينية للتنازل والتوافق؟

شكل طوفان الأقصى لحظة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأعاده إلى الواجهة مرة أخرى، وأعاد القضية الفلسطينية إلى مقدمة المشهد بعد سنوات من تراجعها في ظل الانقسام الفلسطيني الداخلي، والنفوذ الإيراني، والربيع العربي، والكثير من المتغيرات.

تواجه القضية اليوم لحظة فارقة وتضعنا أمام فرصة تاريخية للعودة إلى الأرض مقابل السلام، وفرصة للحصول على الدعم الدولي عقب ما ارتكبته إسرائيل من جرائم في قطاع غزة. فما حدث عقب الحرب العالمية الثانية من توثيق لما فعله النازيون باليهود وأعطى لإسرائيل سردية زمنية طويلة، يمكن أن يحدث اليوم. فما حدث في غزة لا يقل بشاعة عما حدث وقتها، لكن ليحدث ذلك، على الفلسطينيين، وقبل كل شيء أن يتوحدوا.

دعونا بداية نستعرض أبرز محطات الخلاف ومحاولات الصلح بين الفصيلين الأقوى في فلسطين، فتح وحماس، وكيف انعكس ذلك على القضية ووضعها.

حركة فتح بدأت كحركة علمانية لا تتبنى فكرًا دينيًا، بل تبحث عن تحرير الأرض الفلسطينية. انتهجت في مراحلها الحلول العسكرية والدبلوماسية، بينما كانت رؤية حماس تقوم على كونها حركة إسلامية مسلحة تسعى لتحرير الأرض ولا تقبل حل الدولتين، وهو ما جعل الخلاف بينهما قادمًا لا محالة.

وعقب فوز حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، تصاعدت الخلافات وصولًا إلى سيطرة الحركة على قطاع غزة، وهو ما أضعف المفاوض الفلسطيني وجعل الأرض مقطعة بين طرفين، وتدهورت الأوضاع الاقتصادية في القطاع المحاصر منذ ذلك الوقت.

محاولات الصلح

شهدت الساحة الفلسطينية عدة محاولات للمصالحة بين فتح وحماس. ففي عام 2007 تم الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية ووقف الاقتتال الداخلي، إلا أنه لم يصمد طويلًا. وفي عام 2008 جاء اتفاق صنعاء لوقف الاشتباكات وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وكذلك محادثات القاهرة 2009 التي توقفت مع انسحاب حماس.

وصلت الجهود إلى اتفاقية القاهرة 2011، لكنها توقفت بسبب الخلافات حول رئاسة الحكومة، ثم إعلان الدوحة 2012، وصولًا إلى اتفاق 2014، ثم محادثات الدوحة 2016.

لم تتوقف المحاولات، ففي عام 2017 في القاهرة، تم الاتفاق على تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة صلاحياتها، لكن الاتفاق لم ينجح. واستمرت المحاولات، وفي ظل صفقة القرن عام 2020 كانت هناك محاولات أخرى، وفي 2022 كانت محاولة في الجزائر لكنها فشلت.

أسباب الفشل

تعددت أسباب الفشل، فانعدام الثقة المتبادل بين الحركات الفلسطينية، والاختلافات الأيديولوجية، واختلاف الرؤى حول العلاقة مع إسرائيل كانت عوامل أساسية في فشل الاتفاقات. إلى جانب ذلك، لعبت التدخلات الخارجية دورًا مهمًا. فلم تكن المصالحة على هوى إسرائيل التي استخدمت أدوات مثل حجب الضرائب ومعاقبة الفلسطينيين بشكل جماعي لإفشال جهود المصالحة. كما لم تكن على هوى إيران التي نصت في أدبياتها على رفض الاعتراف بإسرائيل، ودعمت ما أسمته بمحور المقاومة الذي ضم حركتي حماس والجهاد.

اليوم التالي لطوفان الأقصى

عقب طوفان الأقصى، ومع عودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة مرة أخرى، وتزايد الضغوط الدولية حول من سيحكم غزة عقب انتهاء الحرب، بدأت اللقاءات في روسيا عام 2024، وفي بكين، الصين عام 2024، وفي القاهرة عامي 2024 و2025، محاولات لرأب الصدع.

فسؤال اليوم التالي أصبح واجبًا عقب توقف الحرب في قطاع غزة، وأصبح التوافق فرض عين لنزع فتيل التدخلات الخارجية واحتمالات الصدامات. فلا أحد يستطيع أن يفرض أمرًا واقعًا.

وسؤال آخر يحتاج إلى إجابة: هل تحتاج فلسطين إلى وحدة فصائلية، أم تحتاج إلى طرح وجوه جديدة وحكومة تكنوقراط للتخلص من الوجوه القديمة من كافة الأطراف، لتوحيد الصف والخطاب؟ وهل يمكن توجيه خطاب عقلاني لكافة دول العالم، يجمع الدعم العربي لدولة فلسطينية عربية جامعة لا تفرق بين فصيل وفصيل، ولا يحكمها تيار إسلام سياسي، خاصة في ظل عودة دونالد ترامب، صاحب مشروع صفقة القرن والسلام الإبراهيمي، حاكمًا مرة أخرى للبيت الأبيض؟

الرابط المختصر https://alhorianews.com/x8a9

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *