صدام حسين .. حقيقة ظهور صدام جسين .. انتشرت في الأيام الأخيرة عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا) مجموعة من مقاطع الفيديو التي تزعم أنها تُظهر لحظة العثور على الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين داخل الحفرة التي جرى اعتقاله فيها خلال الغزو الأمريكي للعراق في مطلع الألفية الجديدة. في هذا المقال، سنقوم بمراجعة حقيقة هذه المقاطع التي تداوالها مؤيدو صدام حسين، ونكشف عن تفاصيل الفحص والتحقق الذي تم من قبل مختصين، إلى جانب تداعيات هذه المقاطع في أوقاتنا الحالية.
محتوى مقاطع الفيديو المتداولة
المقاطع التي أثارت جدلاً على منصات التواصل الاجتماعي تُظهر شخصًا يُعتقد أنه صدام حسين، يجلس في حفرة ويقوم بترديد أبيات من الشعر. كما تظهر قوارض بالقرب منه، ما أضاف مزيدًا من الجدل حول ظروف الاحتجاز التي مر بها الرئيس العراقي الأسبق. وتزامن هذا الانتشار مع موجة من منشورات مؤيدة لصدام حسين، والتي كانت تذكر بعض الفترات التاريخية من حكمه الممتد من 1979 حتى 2003.
روايات ساخرة ومزاعم حول الأحداث
رافق انتشار هذه المقاطع مجموعة من الروايات التي نُشرت على حسابات شخصية على “إكس”، بعضها استخدم نبرة ساخرة في تقديم ما وصفوه بـ “بطولات صدام في داخل حفرة القيادة بين أشجار النخيل في منطقة الدور”. هذه الروايات ادعت أن صدام حسين كان مختبئًا في منطقة الدور بمحافظة صلاح الدين في شمال العراق قبل أن يتم القبض عليه، حيث ظهرت بعض القصص التي زعمت أنه كان يحمل سلاحه ولم يقاوم قوات التحالف التي اعتقلته.
أما الرواية الأخرى التي تداولها البعض، فتدعي أن صدام حسين تم تخديره قبل نقله إلى الحفرة التي ظهر فيها في الصور والفيديوهات المتداولة. زعم بعضهم أن هذا الفيديو هو حقيقة القبض على صدام، حيث تم تصويره ليظهر وكأنه كان مختبئًا، فيما تجنبته السلطات العراقية بهدف إظهار ضعفه أمام الشعب.
التحقق من الفيديوهات: تقنيات الذكاء الاصطناعي وراء الزيف
من خلال فحص مقاطع الفيديو من قبل مختصين، تبين أن هذه المقاطع ليست حقيقية. فقد قام فريق CNN بتقييم الفيديوهات باستخدام تقنيات فحص المواد المصورة المتقدمة، ووجدوا أنها تم إنتاجها باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث تم دمج تقنيات التلاعب الرقمي مع بعض المواد الحقيقية.
فيما يتعلق بالصوت الذي سُمع في أحد المقاطع، فهو صوت صدام حسين الحقيقي، ولكن تم اقتطاعه من خطابه الشهير الذي ألقاه في بداية الغزو الأمريكي للعراق، حيث وردت فيه أبيات من القصيدة الشهيرة “أطلق لها السيف لا خوف ولا وجل، أطلق لها السيف وليشهد لها زحل” للشاعر العراقي عبدالرازق عبدالواحد.
الذكاء الاصطناعي يخلق صورة مشابهة ولكنها زائفة
على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد أنتج صورة قريبة جدًا من مظهر صدام حسين، إلا أن المقاطع المتداولة لا تحتوي على صور حقيقية له. فالتقنيات المستخدمة كانت قادرة على محاكاة ملامح الرئيس العراقي الأسبق، إلا أنها لا تتطابق تمامًا مع هيئته الفعلية أثناء القبض عليه. بالإضافة إلى ذلك، ملابس الشخص في الفيديو تختلف عن الملابس التي كان يرتديها صدام حسين في اللحظات التي تم فيها القبض عليه في ديسمبر 2003.
حقيقة القبض على صدام حسين
في 13 ديسمبر 2003، ألقت قوات التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة القبض على صدام حسين في منطقة الدور في محافظة صلاح الدين، شمال بغداد، بعد فترة طويلة من الهروب منذ بدء الغزو الأمريكي في مارس 2003. اعتقل صدام حسين في حالة من الاختباء في حفرة صغيرة كانت مخبأه الأخير.
محاكمة وصدام مع التاريخ
بعد ثلاث سنوات من الاعتقال، وفي 2006، أُدين صدام حسين في محكمة عراقية بعد محاكمة شديدة الجدل، حيث تم إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، والتطهير العرقي. في 30 ديسمبر 2006، تم إعدامه شنقًا، ليطوي بذلك الفصل الأخير في تاريخ حكمه الذي امتد من 1979 إلى 2003.
انتشار هذه المقاطع: ما وراء الظاهرة؟
في الوقت الحالي، يظهر أن انتشار هذه المقاطع عبر منصات التواصل الاجتماعي يأتي ضمن موجة من الذكريات السياسية التي يسعى بعض مؤيدي صدام حسين إلى نشرها، في محاولة لإعادة إحياء صورته التي تزعزعت منذ سقوط نظامه في 2003. وتظل هذه المقاطع بمثابة إعادة تشكيل للذاكرة التاريخية، رغم أن فحص المواد أظهر أنها زائفة ومُنتَجة تقنيًا.