محمد توفيق يكتب: «2019: 2025» بين الصراعات الوجودية والانفصام الزمني

محمد توفيق يكتب: «2019: 2025» بين الصراعات الوجودية والانفصام الزمني

أمر يصعب على البعض استيعابه حلول عام 2025 ومازال العديد  من الناس يشعرون بأنهم معلقون بحبال عام ٢٠١٩؛ وبالرغم من مرور خمس سنوات إلا أن تلك السنة غريبة الأطوار وربما تكون مبهمة التفسير كأن ٢٠١٩ هي من تخطتنا ونحن لم نتخطها أو كأنها اخر محطات السعادة والنقطة المفصلية لزمن جديد يشوبه الضباب

أعلم أنها ليست بالمقدمة الأفضل التي يجب البدء بها لكن دعونا نتفق أن العالم قبل ٢٠١٩ شئ وبعد ٢٠١٩ شئ آخر.

هل تغير شعور الإنسان بالزمن بعد ٢٠١٩؟

على مدار التاريخ مر علي الإنسان العديد من الأحداث والمتغيرات الاجتماعية والنفسية التي بدلت من معتقداته وأفكاره وشعوره تجاه العديد من الأشياء  فمن ثورة صناعية أوربية وحرب عالمية أولى وثانية وانهيار للاتحاد السوفيتي وكساد اقتصادي وغيرها من الأحداث التاريخية كانت هناك مفارقات زمنية بين كل حدثٍ وآخر ؛لم تحدث كل تلك الأحداث في ٥ سنوات ولا حتى ٥٠ سنة .

لكن بنظرة عامة نحاول فيها اختزال أهم الأحداث التى ضربت أطنابها في جنبات هذا العالم في السنوات الخمس الأخيرة نجد زخم كبير في الأحداث بعد٢٠١٩.

كانت البداية بصوت الحوت الأشهر في التاريخ؛ ثم بعدها جائحة كورونا التي أصابت أكثر من٧٠٠مليون إنسان حول العالم أودت بحياة ٧مليون منهم.

ليبدأ العالم فترة ما بعد كورونا محاولاً استعادة عافيته على حرائق غابات في استراليا والبرازيل صنفت الأعنف في التاريخ وقضت على نصف مليار حيوان في الغابات الاستوائية.

ثم بعد ذلك جاء دور الكوارث الطبيعية على صورة فيضانات وانهيارات أرضية في اندونيسيا وجزيرة بورتوريكو عام ٢٠٢١ والذي بلغ قوة زلزالها نحو ٦.٤ بمقياس الريختر؛ وبعدها بفترة قصيرة زلزال سوريا وتركيا الذي أودى بحياة ٥٠ألف قتيل وبلغت قوته ٧.٨ ريختر.
وفيضان درنة الذي أغرق ليبيا والكارثة المغربية.

والطفل المغربي ريان الذي سقط في البئر وخرج منه مفارقاً الحياة.
كل ذلك بعيدا عن المتغيرات السياسية والاقتصادية العالمية التي غيرت المشهد في السنوات الخمس الأخيرة. من اغتيالات شخصيات بارزة وتباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي وأزمة طاقة عالمية.

وانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ؛وانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان بعد ١٨سنة من احتلالها.

ثم يأتي الحدث “الجوكر” وهو الحرب الروسية الأوكرانية وتتصاعد معه التوترات العالمية ليصبح العالم أمام تحول درامي جديد على خشبة مسرح عبثي لعرض قبيح للغاية.

وعلى صعيد موازي لكورونا ظهرت العديد من الأمراض الغريبة على الكوكب مثل” جدري القرود و وباء الفطر الأسود في الهند وحمى الدنك في أمريكا اللاتينية “.

كل هذا ولم ننتهِ بعد مازلنا في إبريل ٢٠٢٣ ليستيقظ العالم على حرب أهلية في السودان جحيم بتوقيع الأخوة الأعداء حرب طرفيها الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي؛ و وفقا لمنظمة “جنسايد وتش” راح ضحية تلك الحرب حتى الآن نحو ١٥٠ ألف قتيل.

لم نكتفي بهذا الحد ففي مساء السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ وبعد انتفاضة المقاومة الفلسطينية “طوفان الأقصى” التي كانت أشبه بصرخة ملكوم مبتور الحلم يصرخ وسط صخب الأحداث فلا أحد يسمع ولا أحد يشعر بتاريخ يسرق وهوية تمحى وشعب يباد.

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي في ذلك المساء حرب إبادة في قطاع غزة والضفة الغربية راح ضحيتها حتى وقت كتابة هذا المقال أكثر من٤٤ألف شهيداً معظمهم من النساء والأطفال.

ربما تصارع تلك الأحداث المأساوية أفضت بسرعتها على الزمن  وغيرت من مستوي إدراكنا الشعوري بالزمن، تغير شعورنا بالزمن من علامات الساعة.

يفسر البعض سرعة مرور الوقت بعد ٢٠١٩ بأنه من علامات يوم القيامة ويستشهدون بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كضرمة النار” “متفق عليه “.

تغير الزمن ونظرية المؤامرة

كما يفسر مروجي نظرية المؤامرة تلك الظاهرة بأن الزمن تغير بعد ٢٠١٩ نتيجة سقوطنا بثقوب سوداء ؛وأن الزمن الحالي ليس حقيقي وكأن إعدادات الضبط الزمني تغيرت.
أو كأن الزمن بأكمله تم دمجه ماضي وحاضر ومستقبل معاً بالرجوع لنظرية النسيج الكوني.
أو كأن الوجود كتلة مصمتة كما يدعي البعض لا زمان ولا مكان.

الزمن من إطار نفسي وفلسفي

يعتبر الزمن هو محور الكون الحقيقي للإنسان فالماضي يحمل أشواق الذكريات والحاضر يشكل فرديتنا الوجودية و وعينا الذاتي باللحظة الآنية والمستقبل الأمل والحلم والغموض.

فكيف للإنسان بالعودة لدروب الماضي أو التوغل في مجاهيل المستقبل؟

وفقا ل”بيرجسون” وهو أحد أهم الفلاسفة المهتمين بفكرة الزمن يفرق  بين “ميكانيكية الزمن” الزمن بمحدوديته الوقتية وليس شموليته الزمانية “السرمدية” وقت ك- سنة أو شهر أو أسبوع أو يوم أو ساعة وهكذا..  و “ديمومية الزمن” وهو إدراكنا الشعوري بالزمن كيف تمر علينا السنة أو الشهر أو الأسبوع أو الدقيقة؟ وكيف يتأثر الزمان بالمكان؟ والسؤال الأهم كيف نعي الزمن؟ أو متى بدأنا نشعر به؟ ومتى بدأ الزمن نفسه؟!

نجيب على كل الأسئلة المطروحة في المقال القادم.

الرابط المختصر https://alhorianews.com/n46s

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *