اللِيبرالية؛ هي فلسفة سياسية تأسست على أفكار الحرية والمساواة و حرية التعبير، وحرية الصحافة، والحرية الدينية ، والسوق الحر، والحقوق المدنية.
الليبرالية ترفض حكم الكنيسة باسم الدين، والحق الإلهي للملوك والحكّام ، أو الخليفة الذي يدعو اليه الحكم الديني الإسلامي و الذي يوجب علي الشعب السمع والطاعة له.
غالباً ما يُنسب للفيلسوف جون لوك الفضل في تأسيس هذه الفلسفة باعتبار أن لكل إنسان الحق الطبيعي في الحياة والحرية والإختيار والتملك.
الليبرالية والعلمانية والمدنية ينادون بعدم استخدام الدين للحصول علي مكاسب سياسية و ركائزهم احترام معتقدات كل مواطني الوطن، وأن الدين هو علاقة بين الفرد والله عز وجل ، وله إحترامه و قواعده وممارساته ، فلا يمكن للدولة أن يكون لها دين ولكن تكون دولة لأغلبية مواطنيها دين ، كالدين الإسلامي في مثل حالتنا، ولكن لبعض مواطنيها معتقدات مختلفة ومع ذلك فإن الكل له نفس الحقوق وعليه نفس المسئوليات تجاه المجتمع.
بل وأزيد وأقول أن احترام الدين وحرية العقيدة مبدأ ليبرالي أصيل بل وأؤكد انه مبدأ اسلامي أصيل علي عكس ما يُروج المتشددين. ولا يمكن في الدولة الليبرالية فرض دين علي الأفراد أو إجبار المواطنين علي اعتناقه.
و يكفيني قول القرآن ” وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ”
وقال تعالي: ” وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ”.
وقال: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا”.
اليس ذلك كله وغيره احترام لحرية المعتقد والتعددية .
أما السياسة الاقتصادية في الليبرالية فتعني الاقتصاد الحر أو أقتصاد السوق هو النظام الاقتصادي لليبرالية الكلاسيكية ، وفكرة الاقتصاد الحر هو عدم تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية وترك السوق يضبط نفسه بنفسه.
أما الليبرالية الاجتماعية وهي المفهوم الذي أعتنقه ، فهي تؤيد تدخل الدولة في الاقتصاد جزئياً، وتتخذ موقفاً وسطا بين الرأسمالية المتطرفة واليسارية المتطرفة، فهي تؤمن بدور الدولة في توفير الحقوق الاجتماعية مثل التعليم والرعاية الصحية، وتتفهم دور الدولة المنسق والضامن للعدالة والمنظم و الضامن للمساواة و الحرية و المسؤل الوحيد عن الأمن الداخلي و الدفاع عن الوطن و سلامة و سيادة أراضيه و سمائه و نهره وبحاره .
تسمى هذه الفلسفة أيضا ليبرالية العدالة الاجتماعية،أو ليبرالية دولة الرفاة ، وتعني شمولها لمفهوم العدالة الاجتماعية ، وهذا هو منهجي وما أؤمن به، وعندما يقوم تحالف سياسي ليبرالي فعليه توضيح توجهاته أي نوع من الليبرالية يقصد. .
تشدد الليبرالية الاجتماعية علي إلزام الحكومة بخلق مناخ يبني قدرات الأفراد ويتيح لهم الفرص المتكافئة وتعتبر أن حق العمل وحق أجر مناسب لا يقل أهمية عن حق الملكية.
إلا أن تدخل الدولة في الاقتصاد لابد له من حدود و يحتاج قناعة بالدور الرئيسي للقطاع الخاص في التنمية والاستثمار وخلق فرص العمل، ليس كهبة من الحكومة تعطيه عندما تريد وتسحبه وتمنعه عندما تريد ،إنه حق فلسفي لحرية المواطن في الحركة الاقتصادية وليس اختياراً تفرضه الظروف.
الخبرة تقول أنه عندما تتضخم ملكية مؤسسة أو أكثر من مؤسسات الدولة لوسائل الإنتاج بلا محاسبية ينتهي الأمر مثلما انتهت أكبر أيديولوجية ملكية عامة في التاريخ ،فقد سحبت الشيوعية حقوق الأفراد وقتلت المبادرة الفردية وتملكت كل وسائل الإنتاج ولم تحقق سوي المساواة في الفقر والفساد فسقطت و إنتهت.
يمكن ترجمة الجانب الاقتصادي من الليبرالية الاجتماعية فيما يسمي
الرأسمالية الاجتماعية وهي تمثل رؤية ملهمة لمستقبل أكثر عدالة واستدامة. من خلال دمج ديناميكية الأسواق مع الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية، توفر الرأسمالية الاجتماعية طريقًا لمعالجة التحديات الملحة التي تواجه عصرنا.
ورغم أن الطريق نحو تحقيق الرأسمالية الاجتماعية بالكامل مليء بالعقبات، فإن مبادئها تشكل أساسًا لإعادة تصور العلاقة بين الأعمال والمجتمع والكوكب.
ومع مواجهة العالم أزمات اقتصادية واجتماعية وبيئية، قد يكون تبني الرأسمالية الاجتماعية عاملًا حاسمًا في بناء اقتصاد عالمي resilient وشامل.