عام مضى أو قل هو يحسب خطواته الأخيرة ليفارقنا ونحن للأسف الشديد عانينا الكثير من المآسي والصعاب والآلام وما يحدث لأشقائنا في غزة ولبنان ودول أخرى عربية وإسلامية شقيقة وصديقة يجعلنا نتألم ونرثي لحالنا وما آليت إليه مصائرنا، فنحن بشر خلقنا لا لأن نكون لأنفسنا وإنما خلقنا لنكون عونًا لأهلنا وأشقائنا وأصدقائنا ولمن تربطنا بهم علاقات ودية ومصالح مشتركة وعقيدة دينية وعلاقات إنسانية مقدرة... فقديمًا قيل لنا ونحن بعد في مقتبل العمر عندما نجتمع في مجالس العائلة أو مجالس أهل الحي: «اجعل لك في كل أرض بيت» ولم نعلم بالتحديد المقصود من ذلك الى أن تجرأنا بالسؤال لأجدادنا وآبائنا ماذا تعنون بأن يكون لنا في كل مكان بيت؟! فيتبرعون بالقول: نحن نعني أن يكون لك في كل أرض تغشاها أو تزورها صديق، فهو كالبيت، وبالفعل في زمانهم لم يعرفوا الفنادق والشقق للإيواء عند زيارتهم لأهلهم أو أصدقائهم في أقطار أخرى وكان بيت من يقصدونهم بالزيارة بمثابة مكان الإيواء الذي ينزلون فيه وصاحب الضيافة يقوم بالواجب بل كان أهل الحي بعد مضي ثلاثة أيام من زيارة الضيف يقومون بواجب الإيواء أو على الأقل إيصال المؤونة للجار الذي استضاف من لجأ إليه، ولم يكن قصدهم وقتها قضاء أي وقت بل كان المقصود هو تعريز اللحمة الوطنية والإنسانية والأخوية والإيمان بأن الصداقة الحقة تفرض علينا أن نتشارك في كل ما يساعدنا على العيش بأمن وسلام.. ونحن نتمعن في حياتنا المعاصرة نقول وبملء فينا: كم كان الأجداد والآباء على حق، فهم بفطرتهم وبالقيم الراسخة في مجتمعهم يشعرون بواجب التعاطف مع الآخرين والمشاركة معهم في كل ما يصون وجودهم ويحفظ عليهم معيشتهم ويديم المعروف بينهم ويؤصل الصداقة الحقة والأخوة الواجبة على كل واحد فيهم، فهم كانوا يؤمنون بأن المجتمع كتلة واحدة والأفراح واحدة والألم عندما يحل بالآخر هو ألم يشعر به الأخرون وحتى في أمثالنا تجسد ذلك بالقول: «عندما تربط أصبعك الكل ينعت له دواء» وهو على بساطته يؤكد بأن الألم واحد والمصاب يشعر الآخرين بواجب المشاركة والأخذ بيد من لا يستطيع أن يقاوم المرض منفردًا؛ فالمشاركة المجتمعية واجبة على الجميع.
ونحن في عالمنا الحاضر مرت أمتنا بظروف قاسية تألمنا لها جميعًا وتنادت الأصوات المخلصة بضرورة التكاتف وإيجاد الحلول والتعاون لما فيه الخير للأمة وتقديم كل أنواع المساعدة والعون، ولم ينتهي عند ذلك بل لازال الطريق طويلاً وبقاء أهلنا وأبناء أمتنا بأمن وسلام غاية كل مواطن غيور على مصلحة أمته وأبناء هذه الأمة شرقًا وغربًا شمالًا وجنوبًا، ونحن نودع عامنا ونستقبل العام القادم من حقنا أن نأمل الخير، وأن تشحذ همم هذه الأمة للخير والنماء والبناء، وهذا لا يعني أن العام الذي أوشك على الانقضاء لم يكن فيه إنجازات منفردة أو مجتمعة بل إنه زخر بإنجازات مشرفة على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والرياضي والتنمية المستدامة والتطلعات نحو العام 2030 والعام 2050، لرؤية التنمية المستدامة تظل الأمل والرجاء وبما تحمله من إنجازات وطنية مخلصة يكون الإنسان المواطن الهدف والغاية وهو من يتحمل عبء المستقبل لخير الأوطان.
سنظل نحلم بالخير ونتفاءل بما ينفع الناس ونعمل جاهدين ومتضامنين لخير أمتنا ومستقبلها وسنظل يقظين لكل ما تحمله الأيام من مفاجآت ولا يكون ذلك إلا بتعاوننا وجهدنا وتضحياتنا.
تحمل الأجداد والآباء الكثير في سبيل أن يتركوا لنا الأوطان عزيزة الجانب متعاونة مع كل من يمد اليد للوفاء والإخلاص والبذل والعطاء لم تكن أيامهم وردية خالصة وإنما آمنوا بأن لكل مشكلة حل ولكل ضائقة مخرج ولكل داء دواء، وآمنوا بقدراتهم وإمكاناتهم وتعاونوا مع بعضهم بعضًا في سبيل النماء والبناء وخير الأوطان.. تحملوا الكثير من أجل أن تكون الأجيال قادرة على البذل والعطاء تتغير الظروف وتتبدل المصالح ويظل الإنسان قويًا وثابتًا طالما آمن بأن الله سبحانه وتعالى ناصر كل مظلوم ومؤيد كل من ضاقت به الدنيا ولا يكون ذلك إلا بالبذل والعطاء والتوكل على الله في كل خطوة نخطوها وفي كل عمل نقوم به لخير الوطن والمواطنين.
نعم نستقبلك يا عامنا الجديد 2025 وكلنا أمل في تكاتفنا وتعاوننا وبذلنا من أجل خير أمتنا وشعوبنا، والخير فيما اختاره الله، وعليه سبحانه وتعالى نتوكل مع إيماننا بقدرة أمتنا على تجاوز المحن والعقبات بتكاتفنا وتعاوننا وإيماننا الصادق بأن ولاة الأمر والقادة يسعون لكل ما يفيد أوطاننا وشعوبنا ونحن نعمل جاهدين مع كل يد تمتد لخير الوطن والأمة وإن شاء الله ننجز الكثير في هذا العام لأن الدال على الخير كفاعله ولنكن فاعلين لخير أوطاننا وأمتنا ومنه سبحانه وتعالى نستمد العون ونتوكل على الله في كل خطوة نخطوها إلى الأمام فبتكاتفنا ولحمتنا الوطنية نحقق ما نصبو إليه من استقرار وأمن ونماء وبناء ولنترك لأجيالنا كل الخير الذي به يحيون حياة آمنة مطمئنة وادعة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
0 تعليق