في عالم متغير تسيطر عليه التحديات الاقتصادية والسياسية، تأتي قرارات منظمة “أوبك+” لتشكيل المشهد النفطي العالمي،إن إرجاء الإنتاج، الذي تم اتخاذه للمرة الثالثة، يعكس استجابة منظمة “أوبك+” للتطورات المستمرة في أسواق النفط وللتقلبات التي تعاني منها الاقتصادات الكبرى،هذه الدراسة تسلط الضوء على أحدث القرارات التي اتخذتها الدول الأعضاء في “أوبك+”، وتأثيرها على الأسواق العالمية، مع التركيز على الأبعاد الاقتصادية والسياسية لهذا التحليل.
تأجيل إنتاج النفط حتى أبريل 2025
قررت مجموعة “أوبك+”، التي تقودها السعودية وروسيا، تأجيل سلسلة الزيادات المزمع تنفيذها في إنتاج النفط، والتي كان مقرراً أن تبدأ ب مقدارها 180 ألف برميل يومياً في بداية يناير 2025،بدلاً من ذلك، تم تحديد موعد جديد للزيادات ليكون في أبريل 2025،القرار جاء خلال اجتماع افتراضي للدول الأعضاء على هامش الاجتماع الوزاري الثامن والثلاثين لدول “أوبك” والدول غير الأعضاء، مما يعكس ضرورة التوازن في السوق النفطية.
تمديد التخفيضات الطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً
في خطوة لدعم استقرار السوق، قررت الدول الأعضاء في “أوبك+” تمديد التخفيضات الطوعية التي تُقدر بـ 2.2 مليون برميل يومياً، والتي تم الإعلان عنها في نوفمبر 2025، حتى نهاية مارس 2025،ومن المقرر أن يتم التخلص التدريجي من هذه التخفيضات على أساس شهري حتى نهاية سبتمبر 2026،كما تم أيضاً مد التخفيضات الطوعية البالغة 1.65 مليون برميل يومياً حتى نهاية ديسمبر 2026، مع مراعاة ة الظروف السوقية قبل اتخاذ أية قرارات بشأن إيقاف أو عكس هذه السياسات.
تراجع أسعار النفط بنحو 18% منذ أوائل يوليو
يواجه خام النفط تراجعاً كبيراً بنحو 18% منذ أوائل يوليو 2025، حيث أظهر التجار تجاهلهم للاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وركزوا بدلاً من ذلك على التحديات الاقتصادية التي تواجهها الصين،وتوقعت تقارير متخصصون مثل “سيتي غروب” و”جيه بي مورغان تشيس” أن تواصل الأسعار انخفاضها، لتصل إلى نحو 60 دولارًا للبرميل العام المقبل، حتى في ظل وجود عمليات تقليص الإنتاج من قبل “أوبك+”.
هذا التراجع في الأسعار يمثل تحدياً كبيراً للعديد من أعضاء “أوبك+”، وخاصة السعودية، التي اضطرت بالفعل إلى تقليص إنفاقها على خطط التحول الاقتصادي،الأمر ذاته ينطبق على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يواجه ضغطاً مالياً نتيجة الحرب على أوكرانيا،تأجيل استئناف الإمدادات يمنح “أوبك+” الوقت الكافي لتقييم تأثير احتمال عودة الرئيس الأمريكي المنتخب إلى البيت الأبيض، والذي عبر عن استعداده لاستئناف فرض الضغوط على صادرات النفط الإيرانية، وهو ما قد يؤثر سلباً على إنتاج إيران النفطي.
وبوجه عام، يبدو أن التحديات التي يواجهها سوق النفط الدولي تتطلب من “أوبك+” استراتيجية أكثر دقة للتعامل مع القضايا الاقتصادية والسياسية المعقدة،ستظل هذه القرارات تحت المجهر، حيث تحاول الدول الأعضاء تحقيق التوازن بين دعم الأسواق واستقرار الأسعار في ظل ظروف غامضة ومتغيرة باستمرار.
0 تعليق