السبت 14 ديسمبر 2024 | 11:32 صباحاً
المعارضة المسلحة
نشرت صحيفة بلدنا اليوم تقريرًا استند إلى ما ورد في صحيفة الغارديان البريطانية ، مسلطة الضوء على تطورات الملف السوري من زوايا متباينة ومختلفة، وجاء فيه..
خلال اجتماع عُقد في العاصمة اللبنانية بيروت، أعرب دبلوماسي غربي بارز عن شعور عميق بالإحباط تجاه الوضع الراهن في سوريا.
تساءل الدبلوماسي، بوضوح، عن المدى الزمني المتوقع لرفع العقوبات الدولية المفروضة على الرئيس بشار الأسد، مشيرًا إلى أن سنوات الصراع الطويلة التي أودت بحياة مئات الآلاف لم تؤدِ إلا إلى تعزيز سيطرة الأسد على السلطة.
المعارضة المسلحة
غير أن المشهد الميداني في سوريا، في ذلك الوقت، كان يحكي قصة مختلفة.
في شمال البلاد، تصاعدت التحركات العسكرية للمعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام (HTS)، التي سبق أن وجهت تحذيرًا صارخًا للجنوب قبل عام بعبارة: "استعدوا". وفي 29 نوفمبر الماضي، تمكنت قوات المعارضة من تحقيق اختراق عسكري لافت بالسيطرة على عدة بلدات قرب مدينة حلب، في خطوة وُصفت بأنها أول انتصار ميداني مهم للمعارضة على النظام منذ خمس سنوات، مما أضاف بعدًا جديدًا لتعقيدات الصراع السوري.
انهيار سريع للخطوط الأمامية
محمد، وهو سائق في دمشق، كان يتابع التطورات بقلق. يقول: "عندما سمعت أنهم سيطروا على أولى البلدات، علمت أن النظام سيسقط".
وعلى الخطوط الأمامية، كانت المواجهات في البداية شرسة. قال أحد مقاتلي المعارضة المسلحة : "الخط الأول من الدفاع كان مكونًا من قوات مدعومة من حزب الله وإيران، وقد أبدوا مقاومة شديدة. لكن بمجرد كسر هذا الخط، هرب الجيش ببساطة".
بينما كانت المدن تتساقط واحدة تلو الأخرى، التزمت دمشق الصمت. أصدرت وزارة الدفاع بيانًا وصفت فيه الانسحاب بأنه "تكتيكي لحماية أرواح المدنيين"، في حين زعمت وسائل الإعلام الرسمية أن مقاتلي المعارضة كانوا ينفذون "استعراضات إعلامية" لدخول المدن.
سقوط متسارع للمدن
في الأيام التالية، واصلت المعارضة تقدمها؛ دخلت مدينة حلب التي استعادها النظام بعد معركة طويلة عام 2016. وبعد أربعة أيام، سقطت حماة، المدينة التي شهدت في الثمانينيات واحدة من أكثر الصفحات دموية في تاريخ سوريا المعاصر. وأخيرًا، جاءت معركة حمص، التي كان يُفترض أن تكون المعركة الأخيرة للنظام السورى ، لكنها انتهت خلال ساعات.
في دمشق، بدأت مشاعر القلق تتحول إلى واقع. بحلول صباح الأحد، دخل المتمردون العاصمة واستولوا على مقر التلفزيون الرسمي. في إعلان مقتضب، تم إعلان نهاية حكم عائلة الأسد الذي استمر أكثر من خمسة عقود.
المعارضة المسلحة (هيئة تحرير الشام)
صباح جديد لسوريا
استيقظ سكان دمشق على واقع جديد تمامًا.
في ساحة الأمويين، تجمعت الحشود وهي ترفع علم الثورة وتحتفل ، فيما عادت الهتافات والأغاني، التي كانت ممنوعة لعقد من الزمان، إلى الشوارع، بينما أطلق المقاتلون الأعيرة النارية في الهواء احتفالًا، تاركين خلفهم مشهدًا يملأه دخان البارود.
لكن الاحتفالات لم تحجب واقعًا مريرًا عاشه السوريون لعقود.
مع سيطرة المعارضة، فُتحت أبواب السجون التي كانت رمزًا للرعب في عهد النظام. وفي سجن صيدنايا الشهير، تدفق آلاف السوريين بحثًا عن أحبائهم الذين اختفوا على مدى سنوات الحرب.
مصير المفقودين
رغم إطلاق سراح نحو 30 ألف معتقل، إلا أن أكثر من 100 ألف شخص ما زالوا في عداد المفقودين، وفقًا لتصريحات الشبكة السورية لحقوق الإنسان. ورغم تأكيد فرق الإنقاذ على عدم وجود "غرف مخفية" في السجون الكبرى، استمرت العائلات في البحث بلا هوادة.
تحديات المرحلة الانتقالية
في الوقت الذي انسحبت فيه قوات "هيئة تحرير الشام" من دمشق، أعلن قائدها محمد الجولاني تشكيل حكومة انتقالية مدنية. لكن التحول السياسي لم يخلُ من التحديات. في المقاهي وعلى الأرصفة، احتدم الجدل بين المواطنين حول مستقبل البلاد.
رغم الأجواء الجديدة من الحرية، ظل الخوف حاضرًا لدى البعض. يقول موظف حكومي: "عمري 53 عامًا، وهذه أول مرة أتكلم بحرية. لكنني ما زلت أشعر أن هناك من يراقبني".
ماذا بعد رحيل بشار الأسد
بعد أكثر من عقد من الصراع، يبدو أن سوريا تقف الآن على مفترق طرق جديد. فبينما يحتفل البعض بسقوط النظام، تواجه البلاد تحديات هائلة لإعادة بناء ما دمرته الحرب، واستعادة الثقة المفقودة بين مكوناتها المختلفة. مشهد الحشود في ساحة الأمويين ربما يعكس الأمل في بداية جديدة، لكنه أيضًا يطرح سؤالًا صعبًا: هل ستتمكن سوريا من تجاوز إرث الماضي وبناء مستقبل أفضل؟
0 تعليق