في محاولة جادة للحد من ظاهرة الغش في امتحانات الثانوية العامة، طرحت فكرة نقل لجان الامتحانات إلى الجامعات الحكومية، وهو مقترح أثار حالة من الجدل بين مؤيد يرى فيه حلًا فعالًا لضبط العملية الامتحانية، ومعارض يرى صعوبة تنفيذه على أرض الواقع لأسباب عديدة.
عميد هندسة جامعة المستقبل: تحقق النزاهة في الامتحانات وتتطلب دراسة متأنية
ومن جانبه، قال الدكتور السيد تاج الدين عميد كلية الهندسة والتكنولوجيا جامعة المستقبل، إن مقترح وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المجلس الأعلى للجامعات بعقد الامتحانات داخل الجامعات الحكومية، جاء في إطار الجهود المبذولة للارتقاء بمنظومة التعليم ومكافحة ظاهرة الغش في امتحانات الثانوية العامة.
وأضاف تاج الدين، أنه رغم أن الفكرة تهدف لخدمة الوطن وتحقيق النزاهة في الامتحانات، إلا أنها تتطلب دراسة متأنية وشراكة حقيقية بين وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم والمجلس الأعلى للجامعات لضمان نجاح التنفيذ على أرض الواقع.
وأشار عميد كلية الهندسة والتكنولوجيا جامعة المستقبل، إلى المقترح يتطلب تعزيز التعاون بين وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم والجامعات الحكومية بهدف توفير بيئة محكمة ونزيهة لإجراء الامتحانات، مؤكدًا ضرورة وضع ضوابط صارمة تضمن الحفاظ على سرية الامتحانات وتنظيمها بشكل متزامن في مختلف الجامعات لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص لجميع الطلاب.
ولفت في تصريحاته لـ كشكول، إلى أن مقترح عقد امتحانات الثانوية العامة داخل الجامعات يخدم أهداف الدولة في تعزيز نزاهة التعليم، خاصة أن الجامعات تتمتع ببنية تحتية متقدمة مقارنة بالمدارس التقليدية، مع وجود رقابة صارمة تمنع أي تدخلات من الخارج.
وقال عميد كلية الهندسة والتكنولوجيا جامعة المستقبل، إنه رغم المميزات المقترحة، إلا أن هناك صعوبات حقيقية يجب أخذها بعين الاعتبار لضمان نجاح التنفيذ، وأبرزها:
- تزامن الامتحانات مع اختبارات الجامعات: تُعقد امتحانات الثانوية العامة في شهر يونيو، وهو نفس توقيت امتحانات نهاية العام بالجامعات، مما يتطلب تنسيقًا دقيقًا لتجنب أي خلل إداري أو تعارض في المواعيد.
- استيعاب الأعداد الكبيرة من الطلاب: تستقبل امتحانات الثانوية العامة نحو 800 ألف طالب موزعين على آلاف اللجان، وهو ما يضع تحديًا كبيرًا أمام قدرة الجامعات على استيعاب هذه الأعداد في وقت واحد.
- التفرغ لعقد الامتحانات: تحتاج الجامعات إلى تخصيص قاعات ومدرجات وإمكانات بشرية لمدة قد تصل إلى شهر كامل، وهو ما قد يتعارض مع التزاماتها الأكاديمية والبحثية.
- نقص أعداد المراقبين: تعاني منظومة التعليم من نقص واضح في أعداد المدرسين والمراقبين، ما يستدعي تعويض هذا النقص عبر إشراك أعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعات، مع توفير مقابل مادي مناسب لضمان تحفيزهم وتشجيعهم على المشاركة في أعمال امتحانات الثانوية العامة.
وأكد، أن الهدف الأساسي من المقترح هو تحقيق العدالة والشفافية في امتحانات الثانوية العامة، وهو أمر يخدم مصلحة الدولة ويعزز من كفاءة التعليم، ومع ذلك، يتطلب تطبيق الفكرة على أرض الواقع دراسة شاملة تأخذ في الاعتبار جميع التحديات اللوجستية والبشرية، مع وضع حلول عملية تضمن نجاح التجربة دون التأثير على سير العملية التعليمية داخل الجامعات.
محمد كمال: رقابة أعلى وضبط مُحكم
وفي ذات السياق، قال الدكتور محمد كمال الأستاذ بجامعة القاهرة، إن مقترح فكرة نقل لجان امتحانات الثانوية العامة إلى الجامعات الحكومية يعد خطوة مهمة نحو مواجهة ظاهرة الغش المنتشرة داخل لجان الثانوية العامة، خاصة في المدارس الواقعة بالمناطق الشعبية، حيث يتدخل بعض أولياء الأمور لمساعدة أبنائهم على الغش، مما يشكل ضغطًا على المراقبين ويُهدد نزاهة الامتحانات.
مميزات امتحانات الثانوية العامة 2025 بالجامعات
وأوضح الأستاذ بجامعة القاهرة لـ«كشكول»، أن مميزات نقل الامتحانات إلى الجامعات تأتي على النحو التالي:
- رقابة صارمة: وجود اللجان داخل الجامعات يقلل من احتمالات تدخل أولياء الأمور نظرًا لصعوبة دخولهم إلى حرم الجامعة.
- إشراف أساتذة الجامعات: التعاون بين المجلس الأعلى للجامعات ووزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم سيضمن إشرافًا أكاديميًا محكمًا على اللجان.
- تخفيف الضغط على المراقبين: إبعاد اللجان عن المدارس التقليدية يُخفف الضغط على المعلمين المراقبين، ويوفر بيئة أكثر انضباطًا.
التحديات التي تواجه المقترح: عقبات لوجستية وإدارية
وأشار الأستاذ بجامعة القاهرة، إلى أنه برغم المميزات الواضحة، إلا أن تنفيذ هذا المقترح يواجه تحديات وعقبات قد تكون صعبة التجاوز، ومن أبرزها:
- بعد المسافات وصعوبة التنقل، حيث يبلغ عدد الجامعات الحكومية في مصر 27 جامعة فقط، وهو ما يُعد عقبة كبيرة أمام تنفيذ المقترح، وانتقال الطلاب من القرى إلى الجامعات بالمحافظات يوميًا سيكون أمرًا مرهقًا وصعب التطبيق، خاصة أن هناك أكثر من 800 ألف طالب يمتحنون حاليًا في نحو 2000 لجنة موزعة على المدارس.
- تزامن مواعيد الامتحانات مع الجامعات، حيث امتحانات الثانوية العامة تعقد في شهر يونيو، وهو الموعد نفسه لامتحانات نهاية العام الدراسي بالجامعات، وهذا التداخل قد يؤدي إلى خلل إداري كبير، سواء في تنسيق مواعيد الامتحانات أو تسليم واستلام أوراق الأسئلة والإجابة.
- التكلفة المالية، حيث تتحمل وزارة التربية والتعليم مسؤولية تنظيم الامتحانات، ولكن في حالة نقلها إلى الجامعات، من سيتحمل التكاليف الإضافية؟، الجامعات الحكومية تعاني بالفعل من عجز في ميزانيتها، فكيف ستُغطى نفقات الامتحانات، وما مصير تكلفة أي تلفيات أو شغب قد يحدث داخل الجامعات؟.
- ضيق الأماكن داخل الجامعات، حيث أن الجامعات الحكومية ليست مؤهلة لاستيعاب الأعداد الكبيرة لطلاب الثانوية العامة، خاصة في المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية، كما أن الجامعات الخاصة لا يمكن الاعتماد عليها نظرًا لمحدودية سعتها، والجامعات الأهلية الجديدة المنبثقة من الجامعات الحكومية لم تستكمل مراحلها النهائية بعد.
حل وسط: مقترح لتنفيذ تدريجي
وتابع، أنه في ظل التحديات الكبيرة، أرى أن الحل قد يكمن في تطبيق المقترح بشكل جزئي ومخطط له بعناية، من خلال:
- توزيع طلاب المدن الكبرى على الجامعات، حيث يتم تخصيص جزء من لجان الثانوية العامة للجامعات في المدن التي تضم جامعات حكومية كمرحلة أولى.
- تنسيق مواعيد امتحانات الثانوية العامة بما يتوافق مع جداول امتحانات الجامعات، لتجنب أي خلل إداري.
- تحمل وزارة التربية والتعليم التكلفة الكاملة المتعلقة بإجراء الامتحانات داخل الجامعات لضمان عدم تأثر ميزانيات الجامعات.
- تفعيل أجهزة التشويش الإلكتروني: لضبط الامتحانات في القرى والمناطق التي تشهد حالات غش متكررة، يمكن الاستعانة بأجهزة تشويش لمنع الغش الإلكتروني وإغلاق لجان "الأكابر" التي تُعرف بمخالفة القوانين.
ولفت، إلى أن مقترح نقل امتحانات الثانوية العامة إلى الجامعات يبقى فكرة طموحة تستهدف ضبط العملية الامتحانية والحد من ظاهرة الغش التي تؤرق المجتمع التعليمي، لكن تطبيقه يتطلب دراسة دقيقة وتخطيطًا مُحكمًا لمعالجة التحديات اللوجستية والمالية، متسائلًا "هل تنجح وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في الوصول إلى صيغة توافقية تحقق الهدف دون الإضرار بالعملية التعليمية؟".
معوقات تطبيق مقترح "عبداللطيف" بعقد امتحانات الثانوية العامة 2025 بالجامعات
ومن جانبه، كشف الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس بكلية التربية في جامعة عين شمس، عن عدد من المعوقات التي تواجه اقتراح وزارة التربية والتعليم بإجراء امتحانات الثانوية العامة داخل الجامعات.
وأبرز هذه المعوقات التي تم الإشارة إليها تشمل:
تزامن مواعيد امتحانات الكليات مع امتحانات الثانوية العامة، مما يصعب إيجاد قاعات أو مدرجات خالية لطلاب الثانوية داخل الجامعات.
البعد الجغرافي لبعض المناطق، سواء في الريف أو المدن، حيث لا توجد جامعات قريبة، مما قد يتسبب في صعوبة وصول الطلاب إلى الامتحانات في مواعيدها المحددة.
عيوب امتحانات الثانوية العامة 2025 بالجامعات
صعوبة تأمين أماكن داخل الجامعات لتخزين أوراق امتحانات الثانوية العامة، مع ضرورة الحفاظ على أمان الكنترولات الجامعية في نفس الوقت.
المدرجات الكبيرة التي تستوعب عددًا كبيرًا من الطلاب قد تجعل السيطرة عليهم أصعب مقارنة بلجان المدارس التي تتسع لعدد أقل، مما يزيد من صعوبة التنظيم.
اختلاف المقاعد في الجامعات عن تلك الموجودة في المدارس، مما يقلل من راحة الطلاب في أثناء الامتحانات وقد يؤثر على كفاءتهم في حل الأسئلة.
تأمين الأجهزة والمعامل باهظة الثمن داخل الجامعات، التي يصعب تأمينها ضد التلف أو الخسائر في حال دخول طلاب الثانوية العامة إليها.
صعوبة وجود أولياء الأمور مع أبنائهم في الامتحانات داخل الجامعات، وهو ما قد يعقد الوضع أكثر مقارنة بالممارسات المعتادة في المدارس.
واختتم بأن هذه المعوقات تُظهر تحديات كبيرة قد تؤثر في تطبيق هذا الاقتراح عمليًا.
يذكر أنه كانت مصادر في وزارة التربية والتعليم، قالت إن وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف، تقدم بمقترح للمجلس الأعلى للجامعات، بعقد امتحانات الثانوية العامة المقبلة في الجامعات؛ وذلك بهدف مواجهة الغش.
إخلاء مسؤولية إن الموقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق