من الهلال الشيعي إلى الهلال الكامل: تركيا تتحول إلى القوة الإقليمية الأولى - نبض مصر

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الاثنين 23 ديسمبر 2024 | 11:43 صباحاً

"من الهلال الشيعي إلى الهلال الكامل: تركيا تتحول إلى القوة الإقليمية الأولى"

"من الهلال الشيعي إلى الهلال الكامل: تركيا تتحول إلى القوة الإقليمية الأولى"

كتب : محمود أمين فرحان

وفقًا لتقرير (الغارديان ) يُعد دعم تركيا للمتمردين السوريين بمثابة انتصار استراتيجي يعزز مكانتها كقوة إقليمية جديدة. من خلال هذا الدعم، تؤكد أنقرة أنها تتفوق على إيران وتُحل محلها كفاعل رئيسي في الشرق الأوسط.

ويُمثل سقوط نظام الأسد في سوريا نهاية "الهلال الشيعي" الذي كانت إيران تسعى لتحقيقه لسنوات طويلة، ويُعد أيضًا بداية صعود "الهلال الكامل" التركي، ما يساهم في إعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية من القرن الأفريقي إلى بلاد الشام وأفغانستان.

دور تركيا في الحرب السورية

ساهم دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمتمردين السوريين في تعزيز مكانة أنقرة كقوة إقليمية رئيسية، ما جعل نفوذها يطوق اللاعبين الرئيسيين في المنطقة. إذ أظهرت تركيا التزامًا ثابتًا تجاه المتمردين في شمال غرب سوريا، وهو ما مكنها من تحقيق انتصارات ميدانية كبيرة ضد قوات الأسد. كان الدعم التركي يتمثل في توفير الدعم الاستخباراتي والسياسي، وهو ما ساعد على تسهيل تنفيذ العمليات العسكرية دون التسبب في مستويات التدمير العنيف التي ميزت الحروب في سوريا خلال السنوات الماضية.

ومع تراجع دور إيران بسبب الضغوط العسكرية الإسرائيلية على حزب الله والشبكات الإيرانية في سوريا ولبنان، أصبح انهيار نظام الأسد أمرًا محتومًا. وعلى الرغم من دعم روسيا المحدود للأسد بسبب انشغالها بحربها في أوكرانيا، تمكنت تركيا من تعزيز نفوذها بشكل فعال في سوريا، ما جعلها تشكل تهديدًا خطيرًا للمصالح الإيرانية في المنطقة.

التأثير على العراق والمنطقة

من المتوقع أن تؤثر نجاحات تركيا في سوريا على الوضع في العراق. فأنقرة تحافظ على وجودها في المناطق الشمالية من العراق وتواصل التعاون مع الأكراد العراقيين، كما استهدفت حزب العمال الكردستاني (PKK) في عملياتها العسكرية المستمرة. ومع صعود حكومة سنية في سوريا، تزداد قوة تركيا في مناطق العراق ذات الأغلبية السنية التي هيمنت عليها الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران منذ سقوط تنظيم الدولة الإسلامية في 2019. يبدو أن هذا التغيير سيؤدي إلى تراجع تدريجي لنفوذ إيران في العراق، مشابهًا لما يحدث في سوريا.

الطموحات التركية في أفريقيا والقوقاز وآسيا الوسطى

تتعدى طموحات تركيا حدود سوريا والعراق، حيث تمتد عبر أفريقيا والقوقاز وآسيا الوسطى. ففي أعقاب انتصار المتمردين في سوريا، نجح أردوغان في التوسط بين الصومال وإثيوبيا لتخفيف التوترات حول النزاعات الحدودية، ما يعكس دور تركيا المتنامي في حل الأزمات الإقليمية. 

كما أن مشاركة تركيا الفاعلة في ليبيا، بما في ذلك الدعم العسكري للحكومة المعترف بها دوليًا، تعزز نفوذها في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتضعها كقوة رئيسية في شمال أفريقيا.

وفي أفغانستان، نمت العلاقات بين تركيا وطالبان منذ عودة الحركة إلى السلطة في 2021. دعم الجيش التركي أذربيجان في نزاعها مع أرمينيا على إقليم ناغورنو كاراباخ، مما جعل تركيا لاعبًا محوريًا في منطقة القوقاز. هذه التحركات تؤكد على الطموحات التركية في تعزيز دورها في العديد من المناطق الاستراتيجية حول العالم.

منافسة تركيا للسعودية ودور الإسلام السياسي

يمثل صعود تركيا تحديًا جديدًا للرياض وحلفائها. على عكس إيران، التي كانت هويتها الشيعية تجعلها خصمًا مباشرًا، تقدم تركيا تحديًا أكثر تنوعًا بفضل هويتها السنية. ذلك يجعلها في منافسة مع السعودية، التي طالما تصدرت القيادة السنية في مواجهة نفوذ إيران. إن سياسات أنقرة، التي تميل إلى الإسلام السياسي، تجد صدى لدى العديد من المسلمين السنة والإسلاميين، مما يخلق منافسة جديدة للممالك الخليجية.

بعكس إيران التي اعتمدت على الوكلاء مثل حزب الله للحفاظ على نفوذها، فإن تركيا قد نجحت في الحصول على شرعيتها من خلال دعم القوى السنية المحلية والقضايا الشعبية، مثل انتفاضات 2011 في العالم العربي. هذه الاستراتيجية تضع تركيا كقوة سنية شاملة، ما يقلل من قدرة السعودية على تقديم نفسها كزعيمة للعالم السني.

التراجع الإيراني وصعود النفوذ التركي

لطالما كان "الهلال الشيعي" الإيراني رمزًا لطموح إيران في الهيمنة على الشرق الأوسط. لكن هذا الهلال بدأ بالتفتت مع انتصار المتمردين في سوريا وصعود النفوذ التركي. 

هذا التغيير أدى إلى قطع الاتصال البري بين إيران ولبنان، مما عطل خطوط إمدادها وعزل وكلاءها. كما يعكس هذا التراجع الضغط المتزايد على حزب الله في لبنان من خلال الأزمات الداخلية والضغوط العسكرية الإسرائيلية.

سياسة خارجية حازمة وتهديدات للأمن التركي

إن صعود تركيا ليس مجرد نتيجة لتراجع إيران، بل هو استجابة لسياسة خارجية حازمة تهدف إلى تعزيز الأمن والاقتصاد التركي في ظل تهديدات مثل الأكراد في سوريا والعراق. تعتمد تركيا في سياساتها على مزيج من التدخل العسكري، والدبلوماسية، والاستثمار الاقتصادي، ما يتيح لها العمل عبر الخطوط الطائفية والإيديولوجية. كما تستثمر تركيا في تعزيز قوتها العسكرية وتعميق علاقاتها مع القوى الإقليمية والدولية.

خلاصة

التحولات الحالية في المنطقة تشير إلى أن صراعات القوى في الشرق الأوسط لن تدور حول طموحات إيران، بل حول مدى طموحات تركيا. بالنسبة للمنافسين والحلفاء على حد سواء، لن يكون السؤال ما إذا كانت تركيا ستسيطر على المنطقة، بل كيف ستفعل ذلك.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق