في قرية صغيرة بمحافظة الغربية، عاشت ملك، تلك الفتاة التي لم تكن لديها سوى حلم صغير بأن تعيش حياتها كباقي الفتيات في مثل عمرها، بعيدًا عن الأعباء الثقيلة التي حملتها أسرتهَا، بعيدًا عن نظرات الشك والخوف التي كانت تلاحقها، إذ كانت ملك في السابعة عشرة من عمرها، تلك المرحلة التي تمثل بداية الشباب، حيث الأحلام والآمال تُشرق في العيون، لكن في تلك القرية، كان لديها فقط همٌ ثقيل، همٌ فرضته عليها أسرتها التي كانت تشك في سلوكها وتسيء فهم براءتها.
الأب والأم يعتقدان أنهم يحمون شرف العائلة
كانت الأيام تمر على ملك مثل غيرها من الفتيات في سنها، لكنها لم تكن تعلم أن كل خطوة تخطوها، وكل حديث مع صديقاتها أو جيرانها، كان يزيد من شكوك والدها ووالدتها، فكانا يعتقدان أن أي تصرف صغير منها قد يلوث سمعة العائلة في أعين المجتمع، وأنه لا مفر من "إصلاحها"، ولكن بأسلوب قاسي وخاطئ.
وفي إحدى الأيام، كان الأب "محمد" والأم "عايدة" يراقبان ابنتهما بقلق وتوتر، وبدا لهما أن ملك تتصرف بطريقة لم تعجبهم، وقد وصل بهما الحال إلى الاعتقاد بأن الفتاة لم تعد عذراء، رغم أنها لم تتجاوز بعد السابعة عشرة. أضاعت الشكوك والظنون العاطفية حكمتهما، وكانا يتحدثان عن "شرف العائلة" وكأن حياة ابنتهما كانت لعبة يمكنهما التحكم بها كيفما شاءا.
اقرأ أيضا
جريمة باسم الشرف
في تلك الليلة، قررًا اتخاذ خطوة حاسمة كانا يعتقدان أنها ستنقذ "شرف العائلة" من الفضيحة التي تخيلوا أن الفتاة قد تسببت فيها، ملك كانت محاصرة في غرفتها، محبوسة بين جدرانٍ لا تملك منها مخرجًا لا مفر، ولا أمل في النجاة، كانت أمها قد ضربتها بعصا خشبية، بينما والدها قام بتقييد يديها وتهديدها بالعقاب الأبدي، قبل أن يُنهيوا حياتها بطريقة مروعة، خنقها والدها بغطاء رأسها، بينما كانت الأم تراقب، لتكون شاهدة على الجريمة. سلسلة حديدية كانت آخر ما لامس جسد الفتاة قبل أن تفارق الحياة.
لم يكن هناك أي رحمة أو شفقة في تلك اللحظات الأخيرة، فكان الوالدان ينظران إلى الجثة البريئة بعينين خاليتين من أي تعاطف، ويمتليء قلبيهما بظنٍ عميق أن ما فعلاه كان "القرار الصائب"، قرار سيسمح لهم بالغسل من العار في نظر أنفسهم وفي نظر المجتمع، "نفذنا حد الله"، هكذا قال الأب حينما استجوبه المحققون، بينما كانت أمها تعرب عن أسفها على ما فعلته بطفلتها، رغم أنها هي من كان يده في الجريمة.
الجريمة هزّت القرية بأسرها، فلم يكن أحد يتصور أن يكون الوالدان هما من أقدما على قتل ابنتهما بهذه الوحشية. ملك، تلك الفتاة البريئة، كانت ضحية لقسوة الشكوك و التقاليد التي لا تعترف بوجود قلب ينبض. في لحظاتها الأخيرة، كانت تتمنى لو أن هناك من يقف بجانبها، ومن يصدقها، بدلًا من أن يُحاكم قلبها وعقلها بعينين مملوءتين بالظنون.
القبض على رجل وزوجته أنها حياة ابنتهما بالغربية
الخبر وصل إلى الشرطة في لحظاتٍ مأساوية، وهرع الضباط إلى المنزل، حيث تم اكتشاف الجريمة في وقتٍ لاحق، ولم يكن أحد يصدق أن الوالدين هما من ارتكباها، الشرطة قامت بإلقاء القبض عليهما فورًا، حيث اعترفا بكل شيء أمام المحققين كانت اعترافاتهما صادمة للمجتمع، لكنهما استمرا في تأكيد أنهما قاما بما اعتقدا أنه "الحق"، في محاولة منهما لتبرير فعلتهما.
بناءً على التحقيقات، أحالت النيابة العامة الوالدين إلى المحكمة بتهمة القتل العمد، بعدما ثبت أنهما قتلا ابنتهما بتعذيب شديد وخنق، وسببًا في وفاة الفتاة كان واضحًا جدًا في تقرير الطب الشرعي.
0 تعليق