الاربعاء 04 ديسمبر 2024 | 10:22 صباحاً
شهدت كوريا الجنوبية ليلة حافلة بالأحداث السياسية التي هزت استقرارها كحليف ديمقراطي رئيسي للولايات المتحدة في منطقة آسيا-المحيط الهادئ.
الأزمة، التي تزامنت مع تصاعد التوترات العالمية، أثارت قلقًا بالغًا في واشنطن وألقت بظلالها على التوازن الإقليمي.
إعلان الطوارئ ثم التراجع
في خطوة مثيرة للجدل، أعلن الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول حالة الطوارئ مساء الثلاثاء، مبررًا ذلك بالحاجة إلى "التصدي لقوى معادية تهدد النظام الدستوري والديمقراطية الليبرالية". إلا أن القرار واجه معارضة شديدة من مختلف الأطياف السياسية والشعبية، مما دفع يون للتراجع بعد ساعات قليلة فقط.
هذا التراجع لم يهدئ الغضب الشعبي، إذ اجتاحت سول مظاهرات حاشدة تطالب باستقالة الرئيس. ويرى مراقبون أن هذه الأزمة تمثل اختبارًا حاسمًا للديمقراطية الكورية الجنوبية، التي لطالما اعتُبرت نموذجًا للاستقرار السياسي في المنطقة.
قلق أمريكي واستنفار عسكري
في واشنطن، أثارت التطورات مخاوف عميقة، خاصة مع وجود حوالي 30 ألف جندي أمريكي في كوريا الجنوبية كجزء من التحالف العسكري بين البلدين. وأكد مسؤولون أمريكيون أن أي تدهور في الوضع الداخلي هناك قد يؤثر على الجهود الاستراتيجية للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
الكولونيل المتقاعد سيدريك ليتون أشار إلى أن الاستقرار السياسي في كوريا الجنوبية يمثل "عمودًا فقريًا" للأهداف الأمريكية في المنطقة، معتبرًا أن الاضطرابات قد تمنح خصوم واشنطن، وعلى رأسهم كوريا الشمالية والصين، فرصة لتوسيع نفوذهم.
بيونغ يانغ وبكين تراقبان عن كثب
كوريا الشمالية، التي لطالما استفادت من الأزمات في جارتها الجنوبية، قد تجد في هذه الفوضى فرصة ذهبية لتصعيد استفزازاتها. ووفقًا لإدوارد هاول، المحاضر بجامعة أكسفورد، من المتوقع أن يلجأ كيم جونغ أون إلى تكثيف التجارب الصاروخية أو تصعيد الخطاب العدائي لتأجيج الموقف.
من جانبها، تتابع الصين وروسيا التطورات عن كثب. فتعزيز التعاون العسكري بين بيونغ يانغ وموسكو، في ظل دعم كوريا الشمالية لحرب روسيا في أوكرانيا، يضيف بعدًا جديدًا للتحديات الأمنية في المنطقة.
تداعيات إقليمية خطيرة
الشراكة الأمريكية-الكورية الجنوبية تمثل منذ عقود حجر الزاوية للاستقرار في المنطقة، لكن أي اضطراب داخلي في سول قد يعيد رسم الحسابات الجيوسياسية. ويرى خبراء أن استقرار كوريا الجنوبية لا يعكس فقط مصالحها الداخلية، بل يشكل عاملًا حاسمًا في قدرة الولايات المتحدة على مواجهة التهديدات المشتركة في آسيا.
في ظل استمرار المراقبة الدقيقة من بيونغ يانغ وبكين وموسكو، تبدو المرحلة المقبلة أكثر تعقيدًا، حيث يتعين على سول وواشنطن العمل بحذر لتجنب أي تصعيد قد يهدد توازن القوى في المنطقة.
0 تعليق