تعتبر القهوة واحدة من أكثر المشروبات شعبية في مصر، وتحمل في طياتها جانبًا كبيرًا من التراث الثقافي والتقليدي،يتجاوز استهلاك القهوة كونها مشروبًا يوميًا فأكثر من مجرد عادة، حيث تعكس الطرق المختلفة لتحضيرها وتناولها التقاليد الاجتماعية العريقة، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمصرين،ومع تطور الظروف الاقتصادية والضغوط المالية، أصبح تأثير التغيرات العالمية في أسعار القهوة مرئيًا على المستهلك المصري، مما يحتم على الجميع التفكير في التأثيرات المحتملة لتحولات السوق العالمية.

أسعار القهوة العالمية تشهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال العام الحالي

لقد شهدت أسعار القهوة العالمية تحولات غير متوقعة خلال العام الحالي حيث ارتفعت أسعار حبوب الأرابيكا، التي تمثل أكثر من 60% من الإنتاج العالمي، لتصل إلى 3.44 دولار للرطل، وهو ما يمثل كبيرة تتجاوز 80%،الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن هذه ال تأتي وسط تأثيرات مناخية ضاغطة تعاني منها أبرز الدول المنتجة للبن، مثل البرازيل وفيتنام، مما يؤثر على توافر القهوة ويجعلها سلعة أكثر ندرة.

أسوأ موجة جفاف منذ 70 عامًا

أحد أبرز العوامل المؤثرة في أسعار القهوة هو الظروف المناخية القاسية التي تعاني منها دول الإنتاج الكبرى،فقد ضربت فيتنام موجة جفاف هي الأسوأ منذ سبعين عامًا في شهري أغسطس وسبتمبر، الأمر الذي أسفر عن تقليص الإنتاج بشكل ملحوظ،هذا النقص في الإنتاج يبرز المخاطر التي تواجه صناعة القهوة ويشير إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على العوامل الاقتصادية ولكن يتأثر بعوامل بيئية أيضًا.

نقص خطير في الإنتاج

في سياق آخر، تعرضت البرازيل، وهي أكبر منتج لشجرة البن في العالم، لظروف مناخية شديدة تؤثر بدورها على المحاصيل،فقد ساهمت هذه العوامل المناخية في نقص حاد بالإنتاج، مما أثر سلباً على أسعار حبوب الأرابيكا والروبوستا،بحلول عام 2025، ارتفع سعر حبوب الأرابيكا بشكل غير مسبوق ليصل إلى مستويات عالية جدًا، بينما شهدت حبوب الروبوستا، المستخدمة على نطاق واسع في القهوة سريعة التحضير، أيضًا مشابهة.

توضح بعض شركات القهوة العالمية، مثل تلك التي تتخذ من إيطاليا مقرًا لها، أنها تبذل جهودًا كبيرة لحماية حصتها في السوق،ومع ذلك، فإن الضغوط الناتجة عن ارتفاع الأسعار أجبرتها أخيراً على تعديل أسعارها، مشيرة إلى أن الحفاظ على الجودة كان دائمًا أولوية في علاقاتها مع المستهلكين،هذا التغيير يمثل استجابة لارتفاع أسعار المدخلات، مما استدعى التحرك من أجل الحفاظ على التوازن المالي للشركة.

تبعًا لذلك، فقد أثرت زيادات أسعار القهوة بشكل واضح على السوق العالمية،الخبراء يتوقعون أن تتأثر أذواق المستهلكين، حيث سيتجه البعض لتقليل استهلاكه أو البحث عن بدائل، بما يتماشى مع التحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم،كما يُتوقع أن تستمر الأسعار في الارتفاع خلال العام المقبل، نظراً لمحدودية الإمدادات الناتجة عن الظروف الجوية القاسية.

يتوقع المحللون أن تواجه شركات تحميص البن تحديات كبيرة في كيفية التحكم بأسعار منتجاتها، مما قد يستدعي تغيرات في أحجام العبوات أو الزيادات السعرية لتعويض التكاليف المتزايدة،إن ما نشهده اليوم من تقلبات في أسعار القهوة هو ببساطة مؤشر على التحديات المستمرة التي تواجهها السوق العالمية، حيث يبقى المستقبل غامضًا أمام خطوات الشركات والمستهلكين على حد سواء.