بلغت أزمة مرور الغاز الروسي عبر أراضي أوكرانيا منحى جديدًا مع قرب انتهاء العقد المُبرم قبل 5 سنوات بدءًا من أول أيام شهر يناير/كانون الثاني الوشيك (2025).
وبحسب قاعدة بيانات النفط والغاز لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يصل الغاز من حقول الغاز الروسية بغرب سيبيريا ثم يُضخ عبر شبكة الأنابيب الأوكرانية التي تمتد إلى الحدود مع سلوفاكيا ثم يصل إلى النمسا وسلوفاكيا والمجر.
وفي رسالة شديدة اللهجة إلى كييف، حذّر رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو، أوكرانيا من حرمان إمدادات الكهرباء خلال الشتاء القارس، إذا لم توافق على تجديد الاتفاق.
ويرى فيكو أن توقف تدفقات الغاز الروسي سيضر بالاتحاد الأوروبي، كما سيكبّد سلوفاكيا 500 مليون يورو (521.4 مليون دولار أميركي).
على الناحية الأخرى، انتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الضغوط من أجل استمرار الاتفاق الذي سيُدر على موسكو الملايين ويعزز قوته العسكرية في الحرب على بلاده الدائرة منذ فبراير/شباط (2022).
وإذ وصف التهديدات السلوفاكية بأنها "أمر من روسيا"، قال إنه من العار أن يساور القلق بعض الدول بشأن الزيادات الطفيفة بالتكاليف في حين يضحي الأوكرانيون بحياتهم في وجه الغزو الروسي.
اتفاق الغاز الروسي إلى أوروبا
تسابق سلوفاكيا الزمن وتقود جهود دول شرق أوروبا لاستمرار تدفقات الغاز الروسي؛ فمن ناحية تضغط على جارتها أوكرانيا عبر التلويح بحرمانها من الكهرباء، وفي موسكو حيث التقى رئيس الوزراء روبرت فيكو، الرئيس فلاديمير بوتين، في 22 ديسمبر/كانون الأول.
وحذّر فيكو من أن حكومته ستقيّم إمكان اتخاذ إجراء ضد أوكرانيا إذا أوقفت عبور الغاز الروسي إلى سلوفاكيا.
وقال، في رسالة مصورة بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول: "إذا لم يكن هناك بُد سنوقف إمدادات الكهرباء التي تحتاج إليها أوكرانيا في حالة انقطاع الكهرباء".
وخلال أول 11 شهرًا في 2024 صدّرت سلوفاكيا 2.4 مليون ميغاواط من الكهرباء إلى أوكرانيا بزيادة 152% مقارنةً بالمدة نفسها من العام الماضي.
ويصل الغاز الروسي إلى شرق أوروبا بموجب عقد طويل الأجل مع شركة الطاقة الروسية غازبروم لاستيراد ما يصل إلى 42 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا.
وفي حالة توقف تلك الإمدادات الحيوية، تقول سلوفاكيا إن البدائل ستكون باهظة التكاليف فضلًا عن وقف تجارة عبور الغاز عبر أراضيها بما يكبّدها خسائر تصل قيمتها إلى 500 مليون يورو.
وعلى صعيد أوسع نطاقًا، حذّر فيكو من أن وقف الغاز الروسي سيُضر بالاتحاد الأوروبي وتنافسيته، مشيرًا إلى تقديرات تقول إن ارتفاع الأسعار سيكلّف الاتحاد 120 مليار يورو بين عامي 2025 و2026.
يُشار هنا إلى أن أسعار الغاز الطبيعي تسليم يناير/كانون الثاني 2025 في مركز "تي تي إف" الهولندي المرجعي في أوروبا قد أغلقت على ارتفاع بنسبة 4.37% إلى 4.73 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة في ختام تعاملات الأسبوع.
ووفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة، ارتفع السحب من مخزونات الغاز الأوروبية بأسرع وتيرة بدعم من ارتفاع الطلب لأغراض التدفئة، وسط تراجع إمدادات الغاز المسال المنقولة بحرًا.
وحتى 24 ديسمبر/كانون الأول، انخفضت مخزونات الغاز بنسبة 19% مقارنةً بمستويات سبتمبر/أيلول، وتملتئ مرافق التخزين بنسبة 75% حاليًا نزولًا من 90% في منتصف الشهر الـ12.
أزمة عبور الغاز الروسي
منذ توليه منصبه قبل أكثر من عام، حوّل رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو، دفة سياسات بلاده الخارجية نحو قِبلة روسيا، وقرر وقف المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا وانتقد دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا.
وفي تحدٍّ للاتحاد الأوروبي، هددت سلوفاكيا بعرقلة أي إجراء لحظر إمدادات النفط الروسي إلى أراضيها، وهي التدفقات التي استثناها الاتحاد إلى جانب التشيك والنمسا ومولدوفا من العقوبات حتى نهاية 2024.
وخلال زيارته المفاجئة إلى موسكو، قال رئيس الوزراء السلوفاكي فيكو، إن الغرب "يشيطن" بوتين بغير وجه حق.
ونقل فيكو تأكيد بوتين رغبته في مواصلة إمدادات الغاز إلى سلوفاكيا، رغم كونها مستحيلة من الناحية العملية بسبب رفض أوكرانيا تمديد الاتفاق ما دامت الحرب على أراضيها دائرة.
وخلال الأسبوع الماضي أيضًا، ألقى فيكو باللائمة على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بالتسبب في الأزمة، رغم أن الأخير كشف عن إمكان تعويض سلوفاكيا نظير الخسائر التي ستتكبدها جرّاء وقف الغاز الروسي مع توفير طرق بديلة للحصول على الغاز من دول غير روسيا.
لكن سلوفاكيا تقول إن شراء الغاز غير الروسي سيكبدها رسوم مرور تزيد على 220 مليون يورو.
وبحسب رئيس الوزراء السلوفاكي، عرض زيلينسكي 500 مليون يورو نظير تصويت سلوفاكيا لصالح عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلنطي "ناتو" وهو اقتراح قابله فيكو بالرفض القاطع.
واليوم (28 ديسمبر/كانون الأول)، اتهم الرئيس الأوكراني فيكو بفتح "جبهة حرب طاقة ثانية" ضد أوكرانيا بأوامر روسيا.
وعبر منصة إكس (تويتر سابقًا)، كتب زيلينسكي: "يبدو أن بوتين أعطى فيكو أمرًا بفتح جبهة طاقة ثانية ضد أوكرانيا على حساب مصالح الشعب السلوفاكي".
وبسبب الضربات العسكرية الروسية على المحطات، تستورد أوكرانيا الكهرباء من عدد من جيرانها منذ أواخر 2022.
وحاليًا، تمثل الواردات من سلوفاكيا 19% من إجمالي واردات أوكرانيا، وسيؤدي وقفها إلى حرمان سلوفاكيا من 200 مليون دولار سنويًا، بحسب زيلينسكي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
0 تعليق